بسم الله الرحمن الرحيم
أتمنى ألا أطيل علي حضرتكم ولكن الموضوع يستحق الاستطالة لأني بإذن الله تعالي أرجو أن انقل لكم كتاب "معركة السفور والحجاب " {جمع وترتيب الشيخ محمد بن احمد بن إسماعيل المقدمعفا الله عنه} وسوف أنقل إليكم ما فيه في حلقات متتالية لكي لا يصيبنا الملل وأرجو الله أن يستفاد به كل من يقرئه اللهم آمين.
المقدمة
إنّ الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلّ له ، ومن يُضلل فلا هاديّ له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
( يا أيّها الذين آمنوا اتقُوا الله حقّ تُقاته ولا تَموتُنّ إلا وأنتم مسلمون ) {سورة آل عمران ، آية 102}
(يا أيّها الناس اتّقُوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدةٍ وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتّقُوا الله الذي تساءلون به والأرحام َ إن الله كان عليكم رقيباً ) {سورة النساء ، الآية 1}
( يا أيّها الذين آمنوا اتّقُوا الله وقولوا قولاً سديداً يُصلح لكم أعمالكم ويَغفر لكم ذُنوبكم ومن يُطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) {سورة الأحزاب ، الآية 70}
أما بعد :
فإن اصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدى هدى محمد (صلي الله عليه وسلم) ، وشَّر الأمور مُحدثاتُها ، وكل مُحدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
بين يديك أيها القارئ – مواقف تاريخية تُبينّ لك فصول (المعركة) التي نشبت في أواخر القرن الماضي، واستمرت أمداً بعيداً بين (الحجاب) وبين (السفور) ، بين (العفة والفضيلة) وبين (التهتك والرذيلة).
وقد تركزّ البحث حول تاريخ هذه المعركة في (مصر) خاصة لما لها من مركز حساس ، جعلها الأسوة في شتي المجالات بعامة ، وفي مجال (المرأة) بخاصة ، الأمر الذي جعل من فصول المعركة خارجها صورة مطابقة لما حدث فيها ، ولا ينسى التاريخ وصّية الملك عبد العزيز – رحمه الله – لأبنائه بأن يَقيسوا حال الأمة العربية قوة وضعفاً بحال مصر ، في ميزان قوة العرب والمسلمين .
ولا ينسي التاريخ أن دفاع المسلمين المصريين ضد الإنكليز وعملائهم من دعاة ما يُسمّي (بتحرير المرأة) ، كان انطلاقاً من وجهة نظر الشاعر (أحمد محرم) ، التي يُلخّصها في قولُه مشيراً إلي (مصر):
احفظوها إن مصر إن تَضِعْ
ضاع في الدنيا تراثُ المسلمين
*لم يكن عفواً أن تبدأ الحملة الفرنسية بمصر ، ولم يكن عفواً أن يبدأ الغزو الفكري بمصر ، ولم يكن عفواً أن يكون قادة الغزو الصليبي الجديد لمصر من القساوسة المعروفين بكيدهم (دنلوب)و(كرومر) اللذين تخرّجا في أكبر المدارس اللاهوتية في أوربا ، وغيرهما من النصارى الذين رحلوا إلي مصر ليتخذوها قاعدة انطلاق ، وليجندوا زملاءهم من المنافقين والمنافقات ، الذين أظهروا أسماء المسلمين ، وأبطنوا قلوب الذئاب (يُخادعون الله والذين آمنوا وما يخَدعون إلا أنفسهم وما يَشعرون)، فمن هنا جاز تجريحهم ، وكشف عوارهم ، تحذيراَ منهم ، ونصيحة للمسلمين ، كما بينّ ذلك علماء ((الجرح والتعديل)) (ولا عدوان إلا علي الظالمين)، ولله در القائل :
مِن الدِّينِ كشفُ السَّتْرِ عن كل كاذبِ
وَعن كل بدْعيِّ أتي بالعجائب
ولــولا رجـــالٌ مؤمنــــونَ لَهُدِّمــَتْ
صوامعُ دينِ الله مِن كل جانب
*وإذا كنّا بصدد الحديث عَن ((المؤامرة علي المرأة المسلمة)) كجزء من مشروع استعماري شامل ، لتغيير وجه الحياة في بلادنا ، واقتلاع المجتمع الإسلامي من جذوره ، فلا ريب يستوقفنا مواقف رضعاء ألبان الغرب والشرق الذين غُسِلت أدمغتهم في دهاليز الكفر ، وترعرعوا في كنف الإلحاد ، وعادوا إلي بلادنا لترتفع علي أكتافهم أعمدة الهيكل العَلماني ، من هنا كان لابد ن وقفات معهم ، تبين بالوثائق والأدلة موقفهم من الإسلام ، وموقف الإسلام منهم .
إن هناك رجالاً بل نساءً وقفوا حياتهم علي هدم الإسلام ، فهم أولي بأن يكون مصيرهم الهدم ، ومن عجيب أمر بعض السذَّج أنهم تأخذهم بأولئك الهدامين رأفة في دين الله ، فيتعامَوْن عن رؤية الواقع الصارخ الذي يؤكد أن هناك مؤامرة وتدبيراً خفياً يستهدف القضاء علي الإسلام ، وينخدعون بأصحاب القفازات الحريرية ، الذين هم : ((من جلدتنا ، ويتكلمون بألسنتنا )) ، والذين لا يّدخرون – في نفس الوقت – وسعاً في تحطيم مقومات الأمة ، وتنفيذ مخططات أعدائها :
بأبي وأمي ضاعت الأحلام
أم ضاعت الأذهان والأفهامُ
من حـاد عن دين النبـي محمــد
أله بأمـر المسلمـــين قيــــام
إن لـم تكـن أسافُهــم مشهــورةً
فينــــا فتلك سيوفُهـــــم أقلام
* * * *
والحمد لله أولاً وآخراً ، وظاهراَ وباطناً ، صلي الله وسلم وبارك علي عبده ورسوله محمد ، وعلي لآله وصحبه أجمعين .