مؤلف الكتاب (ميخائيل نعيمة) لرفيق دربه الأديب الكبير، والشاعر الفحل، والفنان المبدع، جبران خليل جبران رسالة بدأها بقوله: (سلام على قلبك الدقاق، وأنفك البراق، وعلى ما ابيض من شَعرك، وما أسود من شِعرك).
وقد كان المؤلف ينتقي صوراً من حياة جبران ويتحدث عنها، وكان يرقمها بالتسلسل العددي، كما أنه كان يأتي بأمثلة من مقالات جبران، كمقاله الذي أسماه: (المليك السجين)، وكان يقصد به الاسد السجين، في حديقة الحيوان.
وقد ذكر المؤلف رواية (ملك البلاد وراعي الغنم) وهي آخر ما كتبه جبران بالعربية، ثم ترجمة لقصيدة (الميثاق السري) التي ألقاها المؤلف بالإنجليزية في حفلة تذكارية أقيمت لجبران عام 1931م.
وأخيراً الكلمة التي افتتحت بها حفلة الأربعين لجبران، والتي أقامتها الجالية السورية في بروكلين، ومن جميل الكلمة: (إنه لغرض لا أعرفه، ولا تعرفونه، ولد جبران في لبنان وفي العصر الذي ولد فيه، ولحكمة أجهلها وتجهلونها كانت العربية لغته، فكأني بالعين التي تبصر كل حاجة، أبصرت ما في حياتنا الروحية من القحط، فأرسلت لنا هذه السحابة المباركة لتمطرنا بعض بركاتها)، ثم ختم الكتاب بفهرس تفصيلي للموضوعات، ثم فهرس للصور التي رسمها الأديب جبران خليل جبران بريشته.
وقد استطاع الأديب العملاق ميخائيل نعيمة في هذا الكتاب الحافل أن يشرح هذه الشخصية الفذة الضخمة، بكل دقة ومهارة وإبداع مظهراً سر عظمتها، وبؤبؤ إعجازها، وقد كان جبران يعرف حق المعرفة أن ميخائيل لديه هذه القدرة الفائقة فكان يقول له: (لك عين تنفذ إلى أعماق نفسي، وقلم لو شاء لمزق الستائر التي أتستر بها عن أعين الجهلاء والعميان).
وفعلاً فقد صدقت فراسة الأديب العظيم جبران خليل جبران، حيث كان المؤلف بارعاً جداً في تصوير خلجات النفس، ودقائق الشعور.
ماذا يقول لنا جبران في "النبي" على لسان حكيمه؟. عندما طلبت منه المطرة، المرأة العرافة، خطبة في المحبة، قال: "المحبة لا تعطي إلا نفسها، ولا تأخذ إلا من نفسها. المحبة لا تملك شيئاً، ولا تريد أن يملكها أحد، لأن المحبة مكتفية بالمحبة". ولما طلبت رأيه في الزواج، أجاب: "قد ولدتم معاً، وستظلون معاً إلى الأبد. وستكونون معاً عندما تبدد أيامكم أجنحة الموت البيضاء.. أحبوا بعضكم بعضاً، ولكن لا تقيدوا المحبة بالقيود.. قفوا معاً ولكن لا يقرب أحدكم من الآخر كثيراً: لأن عمودي الهيكل يقفان منفصلين، والسنديانة والسروة لا تنمو الواحدة منهما في ظل رفيقتها". وفي الأبناء، يقول: أولادكم ليسوا أولاداً لكم. إنهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم ولكن ليس منكم. ومع أنهم يعيشون معكم فهم ليسوا ملكاً لكم". وفي العمل: "قد طالما أُخبرتم أن العمل لعنة، والشغل نكبة ومصيبة. أما أنا فأقول لكم إنكم بالعمل تحققون جزءاً من حلم الأرض البعيد، جزءاً خصص لكم عند ميلاد ذلك الحلم. فإذا واظبتم على العمل النافع تفتحون قلوبكم بالحقيقة لمحبة الحياة. لأن من أحب الحياة بالعمل النافع تفتح له الحياة أعماقها، وتدنيه من أبعد أسرارها".......
في عام 1931، كتب جبران بخصوص "النبي": "شغل هذا الكتاب الصغير كل حياتي. كنت أريد أن أتأكد بشكل مطلق من أن كل كلمة كانت حقاً أفضل ما أستطيع تقديمه". لم تذهب جهوده عبثاً: بعد سبعين سنة على وفاته، ما يزال يتداوله ملايين القراء في أنحاء العالم.
كانت صحة جبران قد بدأت تزداد سوءاً. وفي 9 نيسان، وجدته البوابة يحتضر. نقل إلى المشفى وحضر أصدقاؤه وشقيقته. لكن كان قد فات الأوان: كان مصاباً بتشمع الكبد، مع بداية إصابة بالسل، عدا عن اعتلال قلبه. وفارق الحياة يوم الجمعة 10 نيسان 1931 عن عمر 48 سنة.
نقل بعد ثلاثة أيام إلى مثواه الأخير في مقبرة "مونت بنيديكت"، إلى جوار أمه وشقيقته وأخيه غير الشقيق. ونظمت فوراً مآتم في نيويورك وبيونس آيرس وساوباولو حيث توجد جاليات لبنانية هامة. وبعد موافقة شقيقته "ماريانا"، تقرر نقل جثمان جبران في 23 تموز إلى مسقط رأسه في لبنان. واستقبلته في بيروت جموع كبيرة من الناس يتقدمها وفد رسمي. وبعد احتفال قصير حضره رئيس الدولة، نقل إلى بشري، التي ووري فيها الثرى على أصوات أجراس الكنائس. وإلى جوار قبره، نقشت هذه العبارة: "كلمة أريد رؤيتها مكتوبة على قبري: أنا حي مثلكم وأنا الآن إلى جانبكم. أغمضوا عيونكم، انظروا حولكم، وستروني....".
ماذا يقول لنا جبران في "النبي" على لسان حكيمه؟. عندما طلبت منه المطرة، المرأة العرافة، خطبة في المحبة، قال: "المحبة لا تعطي إلا نفسها، ولا تأخذ إلا من نفسها. المحبة لا تملك شيئاً، ولا تريد أن يملكها أحد، لأن المحبة مكتفية بالمحبة". ولما طلبت رأيه في الزواج، أجاب: "قد ولدتم معاً، وستظلون معاً إلى الأبد. وستكونون معاً عندما تبدد أيامكم أجنحة الموت البيضاء.. أحبوا بعضكم بعضاً، ولكن لا تقيدوا المحبة بالقيود.. قفوا معاً ولكن لا يقرب أحدكم من الآخر كثيراً: لأن عمودي الهيكل يقفان منفصلين، والسنديانة والسروة لا تنمو الواحدة منهما في ظل رفيقتها". وفي الأبناء، يقول: أولادكم ليسوا أولاداً لكم. إنهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم ولكن ليس منكم. ومع أنهم يعيشون معكم فهم ليسوا ملكاً لكم". وفي العمل: "قد طالما أُخبرتم أن العمل لعنة، والشغل نكبة ومصيبة. أما أنا فأقول لكم إنكم بالعمل تحققون جزءاً من حلم الأرض البعيد، جزءاً خصص لكم عند ميلاد ذلك الحلم. فإذا واظبتم على العمل النافع تفتحون قلوبكم بالحقيقة لمحبة الحياة. لأن من أحب الحياة بالعمل النافع تفتح له الحياة أعماقها، وتدنيه من أبعد أسرارها".......
في عام 1931، كتب جبران بخصوص "النبي": "شغل هذا الكتاب الصغير كل حياتي. كنت أريد أن أتأكد بشكل مطلق من أن كل كلمة كانت حقاً أفضل ما أستطيع تقديمه". لم تذهب جهوده عبثاً: بعد سبعين سنة على وفاته، ما يزال يتداوله ملايين القراء في أنحاء العالم.
كانت صحة جبران قد بدأت تزداد سوءاً. وفي 9 نيسان، وجدته البوابة يحتضر. نقل إلى المشفى وحضر أصدقاؤه وشقيقته. لكن كان قد فات الأوان: كان مصاباً بتشمع الكبد، مع بداية إصابة بالسل، عدا عن اعتلال قلبه. وفارق الحياة يوم الجمعة 10 نيسان 1931 عن عمر 48 سنة.
نقل بعد ثلاثة أيام إلى مثواه الأخير في مقبرة "مونت بنيديكت"، إلى جوار أمه وشقيقته وأخيه غير الشقيق. ونظمت فوراً مآتم في نيويورك وبيونس آيرس وساوباولو حيث توجد جاليات لبنانية هامة. وبعد موافقة شقيقته "ماريانا"، تقرر نقل جثمان جبران في 23 تموز إلى مسقط رأسه في لبنان. واستقبلته في بيروت جموع كبيرة من الناس يتقدمها وفد رسمي. وبعد احتفال قصير حضره رئيس الدولة، نقل إلى بشري، التي ووري فيها الثرى على أصوات أجراس الكنائس. وإلى جوار قبره، نقشت هذه العبارة: "كلمة أريد رؤيتها مكتوبة على قبري: أنا حي مثلكم وأنا الآن إلى جانبكم. أغمضوا عيونكم، انظروا حولكم، وستروني....".